الخطبة الثانية:
صفحة 1 من اصل 1
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله معزِّ من أطاعَه واتَّقاه، ومذِلِّ من خالف أمرَه وعصاه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا إلهَ سواه، وأشهَد أن نبيّنا وسيّدنا محمداً عبده ورسوله، اصطفاه ربّه واجتباه، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبِه ومن والاه.
أمّا بعد: فاتّقوا الله حقَّ تقواه، واخشَوا ربكم خشيةَ من يوقِن أنَّ الله يعلم سرّه ونجواه.
عبادَ الله، اذكُروا مقامَكم بين يدَي ربِّكم، وأنَّكم مجزِيّون بأعمالِكم، وأصلِحوا في الأرضِ بالأعمال الصالحة، والزَموا ـ أيّها المسلمون ـ بابَ الدعاء مع كلّ عملٍ صالح تقومون به، فإنَّ الربَّ جلّ وعلا يجيب دعوةَ المضطرين ويعطي السائلين، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[البقرة:186].
واذكُروا في دعائِكم المسلمِين المظلومِين في فِلسطين، وارغَبوا إلى الله في دعائكم لإخوانِكم في العِراق أن يفرّجَ الله كربَهم، وأن يكشفَ ما نزَل بهم، فقد تضرّروا وعانَوا من هذه الحربِ المعتديَة الغازية التي يجِب على المجتمع الدّولي أن يوقفَها في ساعتِها، بل واجبُه الإنسانيّ أن يمنعَها قبلَ وقوعِها.
ونحن المسلمين نطالِب بإيقافِها في الحال، ونُنكرها أشدَّ الإنكار قبلَ وقوعِها، ونستقبِحها لأنّها حربٌ عدوانيّة قتلتِ الأطفال والشيوخَ والنساء، واستهدفت تدميرَ الشعب العراقيّ بكامله والتحكّمَ في مواردِه الطبيعيّة.
أيّها المسلمون، تسمّوا بما سمّاكم الله به، فما أحسنَ أن يتسمّى العبد بالمسلم والمؤمِن والمتّقي والمحسن والبارّ الصالح وعبد الله والحنيف، قال الله تعالى: مّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰهِيمَ هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتُواْ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلَـٰكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِير[الحج:78].
وإيّاكم ثمّ إيّاكم وقبولَ التّسمّي بالأحزابِ الجاهليّة المعادية للإسلام التي أفلسَت وأنتنَت، والمذاهب الملحِدة الوافدة على بلاد الإسلام التي أنشِئت للتّفريق بين الأمّة وزرعِ الاختلاف والتّناحر بين المسلمين وتقطيع أوصالِ أمّة الإسلام، لينعدمَ التّناصر والتّراحم والتّآلف والتّعاضد بينهم، فيدخلُ الإضرار بأوطان المسلمين بلداً بعد بَلد.
واذكُروا في دعائِكم أيضاً المسلمِين المضطهَدين من أعداءِ الإسلام في بلدانٍ أخرى، وحُثّوا أنفسَكم وحثّوا العجائزَ والأطفال ـ لأنّه لا ذنوبَ عَليهم ـ على الدعاءِ بعزّ الإسلامِ والمسلمين في كلّ مكان، وأن يخذلَ الله الكافرين، ويضعفَ قوّتهم، ويبطل كيدَهم، وأن يجعلَ الله البحارَ والبرّ والجوَّ والريح وكلَّ مخلوق ضدّهم، فإنّه على كل شيء قدير، وأذرِفوا الدموعَ لعلّ الله أن يستجيبَ دعاءَكم بإطفاءِ نارِ هذه الحرب المدمّرة العاتِية.
أيّها المسلمون، الزَموا جماعةَ المسلمين وإمامَهم، وعليكم بالاجتماع والائتِلاف، وإيّاكم والفرقَةَ والاختلاف، والتفّوا حولَ قيادتكم، وأطيعوا ولاةَ أمركم من غيرِ معصية، قال الله تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلأمْرِ مِنْكُمْ[النساء:58].
عبادَ الله، إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً[الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلّى عليَّ صلاة واحدةً صلّى الله عليه بها عشراً)).
فصلّوا وسلّموا على سيّد الأوّلين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وسلّم تسليماً كثيراً.
اللهمَّ وارضَ عن الصّحابة أجمعين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى